كتبه كريم المرزوقي
بات الفصل 80 أشهر فصول الدستور التونسي بعد ارتكاز رئيس الجمهورية قيس سعيّد عليه لإعلان جملة من القرارات بتاريخ 25 جويلية 2021 لازالت تسيل الكثير من الحبر، وجعلت مستقبل الديمقراطية الناشئة موضع غموض، وهي تتمثّل أساسًا في تعليق اختصاصات البرلمان وتوحيد السلطة التنفيذية ورفع الحصانة عن النواب. ويدفع النقاش المطروح اليوم، داخل الوسط السياسي والقانوني، حول تأويل فصل “الحالة الاستثنائية”، للنبش في تاريخية دسترته، والنقاشات المثارة حوله بين المؤسسين، خاصة وقد تبناه الدستور الحالي من دستور الاستقلال عام 1959.
دستور 1959.. مسار صياغة فصل “الحالة الاستثنائية” وتعديلاته
نصّ دستور 1959 على حالة الاستثناء أو حالة الظروف الاستثنائية، والتي ظهرت واختفتْ، وتغيّرت صيغتها، طيلة مراحل إعداد الدستور إلى غاية المصادقة على الصيغة النهائية. وقد استحوذ التداول على هذه المسألة قدرًا هامًا من النقاش حين المصادقة على القراءة الأولى لمشروع الدستور، إذ عُرض، في جلسة 23 أكتوبر 1958، فصل في باب السلطة التنفيذية (الفصل 84) صيغته أن “رئيس الجمهورية يعلن الأحكام العرفية وحالة الطوارئ حسب القانون على أن يعرض ذلك على البرلمان ليقرر استمرارها أو إلغاءها”[1]. وقد نبّه النائب أحمد المستيري، وهو وزير العدل وقتها، أن “الأحكام العرفية تعني توقيف العمل ببعض الضمانات الدستورية”، فيما اقترح النائبان الباهي الأدغم والرشيد إدريس ضرورة تحديد أسباب إعلان الأحكام العرفية[2]. وكان النقاش حينها أساسًا حول دور رئيس الجمهورية والبرلمان في إعلان الحالة الاستثنائية: هل يحدّدها قانون سابق الوضع ثم يعلنها الرئيس ويراقب البرلمان أم يقدّمها الرئيس في شكل مشروع قانون ويصادق عليه البرلمان؟ طال النقاش. وكانت الصيغة المصادق عليها بالإجماع هي أن “حالة الطوارئ والأحكام العرفية يضبطها القانون ويعلن عنها رئيس الجمهورية بقانون”. وهو ما يجعل المجلس النيابي محور تفعيل الحالة الاستثنائية، أولًا بضبطها بصفة مسبقة، وثانيًا بالإعلان عنها، فيما ينحصر دور السلطة التنفيذية في المبادرة لها، أي تقدير الحاجة إليها فقط.
خلال القراءة الثانية لمشروع الدستور في فيفري 1959، اقترح الباهي الأدغم، وكان سكرتير رئيس الجمهورية وقتها، حذف هذا الفصل “لأنه لا معنى له ما دام القانون يضبط حالة الطوارئ والأحكام العرفية ومادام الإعلان هو نفسه قانونًا”[3]، أي أنها مسألة تتعلق بقانون لا حاجة للتنصيص عليها في الدستور. وصادق المجلس التأسيسي بالأغلبية فعلًا على مقترح الحذف دون أي مداخلة معارضة.
لكن عاد الفصل للظهور في القراءة الثالثة والأخيرة لمشروع الدستور في جلسة 29 ماي 1959 بصيغة جديدة باتجاه تسليم المقود للسلطة التنفيذيّة، وهي ذات الصيغة المعتمدة في النص النهائي للدستور وفحواها أنه “لرئيس الجمهورية في حالة الخطر الداهم المهدد لكيان الدولة وأمن البلاد واستقلالها بحيث يتعذر معه سير دواليب الدولة الطبيعي اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية تزول بزوال أسبابها. ويرسل رئيس الجمهورية بيانًا في ذلك إلى مجلس الأمة”. بيد أن الفصل ورد في باب السلطة التشريعية وليس السلطة التنفيذية (الفصل 32)، وتمت المصادقة عليه، في القراءة الثالثة ثم في المشروع النهائي، من دون نقاش، باعتبار أن المصادقة تمت، في الحالتين، على الفصول برمّتها دفعة واحدة. لم يقعْ نشر مداولات اللجنة المختصة أو لجنة التنسيق والتحرير. ولكن الظاهر أن التوجّه لإرساء نظام رئاسي يمنح رئيس الدولة صلاحيات واسعة، لم يكن تصوّره، لدى المشرع الدستوري، بنهاية المطاف، دون إطلاق يد رئيس الجمهورية في إعلان التدابير الاستنائية وتحديدها وإنهائها، مقابل تغييب أي وجه من أوجه الرقابة البرلمانية، وذلك في توجه معاكس مطلقًا للمشروع الأولي للدستور.
ولحق فصل “التدابير الاستثنائية” ثلاثة تعديلات طيلة مدة نفاذ دستور 1959:
التعديل الأول هو الجوهري والأهم، إذ جاء ضمن التنقيح الشامل للدستور عام 1976، فاُعيد الفصل لباب السلطة التنفيذية (أصبح الفصل 46)، وهو موقعه السليم، إذ لا معنى لوجوده في باب السلطة التشريعية. كما اُضيفت إليه نقطتان: أولًا وجوبية استشارة الوزير الأول ورئيس البرلمان قبل إعلان التدابير، وثانيًا عدم جواز حلّ البرلمان وسحب الثقة من الحكومة خلال فترة التدابير. وكان هذا التعديل أساسًا في اتجاه تدعيم دور المجلس النيابي وضمان الاستقرار الحكومي، والمرجّح أن الإضافة مستوحاة من الفصل 16 من الدستور الفرنسي.
-
أما التعديلان الثاني والثالث للفصل، فكانا شكليين: وهما تعديل عام 1981 غيّر عبارة “مجلس الأمة” بـ”مجلس النواب”[4]، وتعديل عام 2002 أضاف استشارة رئيس مجلس المستشارين، بعد إحداث الغرفة البرلمانية الثانية[5].
وطيلة مدة نفاذ دستور 1959، ثبت إعلان الحالة الاستثنائية في مرة وحيدة على الأقل، وذلك خلال أحداث الخميس الأسود عام 1978. فقد أعلن الرئيس السابق الحبيب بورقيبة “حالة الطوارئ” بأمر رئاسي[6] على أساس الفصل 46 من الدستور، ولحقه أمر رئاسي آخر[7] في نفس العدد من الرائد الرسمي لتنظيم حالة الطوارئ نفسها. وقد تضمّن هذا الأمر تقييدات لعدد من الحريات الفردية والجماعية، في إطار التدابير الاستثنائية، فلم يكن من الممكن عرض الأمر لاحقًا على مصادقة البرلمان لأنه لم يكن مرسومًا. وقد كان من المفترض تنظيم حالة الطوارئ بقانون لأن مواده تتعلق بالتشريع، وذلك لنسخ الأمر الصادر وهو ما لم يتمّ. مع الإشارة إلى هذا الأمر ما زال ينظم حالة الطوارئ حتّى اليوم، رغم عدم ملاءمته مع أحكام دستور 2014، وفي ظلّ استمرار تعطّل المصادقة على قانون جديد للطوارئ[8].
ماذا عن الحالة الاستثنائية في التنظيم المؤقت للسلط؟
عرفت تونس بعد تعليق العمل بدستور 1959، إثر ثورة 17 ديسمبر2010-14 جانفي 2011، تنظيمين مؤقتين للسلط: الأول صدر في شكل مرسوم نظم السلط العمومية بين فترة تعليق دستور 59 وإحداث المجلس الوطني التأسيسي[9]، والثاني صدر في شكل قانون تأسيسي نظم بدوره السلط طيلة فترة عمل المجلس الوطني التأسيسي إلى غاية العمل بالدستور الجديد[10].
لم ينصّ التنظيم المؤقت الأول على الحالة الاستثنائية، وربما لم تكن الحاجة إلى ذلك. فقد كان الرئيس المؤقت يرأس السلطة التنفيذية ويمارس السلطة التشريعية بإصدار مراسيم، وربما يمكن تكييف المرسوم نفسه بأنه بمثابة تدبير لمواجهة الحالة استثنائية إثر الثورة. وقد ورد فعلًا ضمن حيثيات تأسيس مرسوم مارس 2011 “أن الوضع الحالي للدولة.. لم يعد يسمح بالسير العادي للسلط العمومية”.
أما التنظيم المؤقت الثاني، أو كما اُصطلح على تسميته “الدستور الصغير” الذي دام نفاذه نحو ثلاث سنوات، فهو الذي كرّس، الحالة الاستثنائية، ولكن بصورة خصوصية. فقد اشترط الفصل 7 من القانون التأسيسي لتطبيق “الظرف الاستثنائي”، بداية، “منع السير العادي لدواليب السلط العمومية” و”تعذّر العمل العاديّ للمجلس التأسيسي”. ولعل الصّورة الثانية هي أقرب لمثال من الصّورة الأولى الأشمل. ولكن يعكس هذا الشرط التخصيصي محورية المجلس التأسيسي في ذهن المؤسسين. فلا حالة استثنائية بالنهاية إلا بتعذر عمل الهيئة التأسيسية. هذه المحورية تتعزّز بأن التصريح بـ”الظرف الاستثنائي” يتم بأغلبية أعضاء المجلس، وأما الأثر فهو تفويض الاختصاص التشريعي أو جزء منه إلى رؤساء المجلس والجمهورية والحكومة، ليمارسوا الاختصاص المفوّض إليهم عبر إصدار مراسيم بالتوافق بينهم يصادق عليها المجلس لاحقًا[11]. كانت الحالة الاستثنائية بالنهاية “استثنائية” فهي تقتصر على تفويض الاختصاص التشريعي إلى الرئاسات الثلاث فقط، دون تمكين السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية و/أو رئيس الحكومة) من إصدار تدابير خاصة لمواجهة الظرف الاستثنائي، وذلك تأكيدًا لعلوية المجلس التأسيسي باعتباره سلطة أصلية تتفرّع منه بقية السلط بطبعها، وفي مقدمتها السلطة التنفيذية “المؤقتة”. ولم يتمّ بالنهاية اللجوء إلى تطبيق هذا الفصل طيلة مدة نفاذ “الدستور الصغير”.
دستور 2014.. إعادة التكريس وجدل التطبيق تعامل المجلس الوطني التأسيسي مع دستور 1959 كأحد المراجع باعتبار “انتفاء العُقد معه”[12]. ولعلّ أحد أهم مفاعيل هذا التمشي، هو الفصل 80 المقتبس من الفصل 46 من الدستور السابق. ونلحظ بداية أنّ دسترة الحالة الاستثنائية كان خيارًا قارًا طيلة مراحل إعداد الدستور. فقد ظهر منذ مسودة مشروع الدستور بتاريخ 14 ديسمبر 2012 (الفصل 73)، ولم ترد ملاحظة من الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة بخصوصه بخلاف جلّ الفصول المُحالة من اللجنة المتخصصة، وهو ما يبيّن أنه كان محلّ توافق[13]. والملاحظ أن الصيغة الأولى كرّست دورًا فاعلًا للمحكمة الدستورية على مستويين: أولًا استشارتها بشأن التدابير، وثانيًا تعهدها التلقائي بعد أجل 60 يومًا للبت في استمرارية هذه التدابير، وهو ما وقع التخلي عنه لاحقًا منذ مشروع الدستور – نسخة 22 أفريل 2013 (الفصل 78)، بحصر دور المحكمة فقط بالبت في الإجراءات بطلب (من رئيس المجلس النيابي أو 30 نائبًا)، وهو ما تبناه تباعًا مشروع الدستور – نسخة 1 جوان 2013 (ألفصل 79) مع تغيير عبارة “السلطات العمومية” بـ”دواليب الدولة” وإعادة ترتيب الفقرات، وهي الصيغة المعروضة للمصادقة على المشروع النهائي للدستور في جانفي 2014.
وقدّم المقرّر العام للدستور، خلال الجلسة العامة للمصادقة النهائية، مقترح تعديل توافقي للفصل تضمّن نقطتين أساسيتين: أولًا تعويض “واو” العطف بـ “أو” التخيير في الأسباب المتعلقة بالخطر الداهم (مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها)، وهو ما يعني توسيع مجال تطبيق الحالة الاستثنائية، وثانيًا إضافة إعلام رئيس المحكمة الدستورية بهذه التدابير. وتمّ تمرير التعديل التوافقي بأغلبية 155 نائبًا واحتفاظ 4 نواب دون أي اعتراض[14]. وتمّ عرض تعديل آخر يقترح إنهاء التدابير الاستثنائية بـ “قرار من المحكمة الدستورية” باعتبار تمكينها من البت في استمرارية التدابير الاستثنائية وفي إطار “التناغم مع النص”[15]. وهو ما تمّ رفضه باعتبار أنّ الحالة الاستثنائية هي “قرار سيادي ليست من صلاحيات المحاكم”[16]، ليسقط المقترح بمعارضة 129 نائبًا وموافقة 25 واحتفاظ 11، وذلك قبل المصادقة على الصيغة النهائية للفصل.
وقد تضمنت المداولات العامة حول الحالة الاستثنائية مداخلتين اثنتين خارج إطار التعديلات: الأولى طالبت بتوضيح مفهوم الخطر الداهم وأنواعه[17] ليردّ المقرّر أن “النص واضح”، والثانية انتقدت توسيع مجال الحالة الاستثنائية باعتماد “أو” التخيير بدل “واو” العطف، و حذف لفظ “حيث” في عبارة “الخطر الداهم.. بحيث يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة”، باعتبار أن الصيغة الجديدة “تقرّ أن التعذّر ليس حاصلًا فعلًا وإنما هناك تقييم من رئيس الدولة” ملاحظًا أن الصيغة الأصلية تربط بين الخطر وتعذر السير العادي لدواليب الدولة[18].
إن معاينة تطوّر نصّ الفصل 80 تبيّن ثبات عموده الفقري منذ إعداده من اللجنة التأسيسية المتخصصة، وذلك بالاستقرار على نفس فلسفته في الدستور السابق التي تقوم على محورية دور رئيس الجمهورية في الحالة الاستثنائية، من حيث إعلان التدابير وتحديدها وإنهائها، مع إضافة رقابة المحكمة الدستورية في النص الجديد. بل يُلاحظ، حقيقة، اتجاه تصاعدي نحو توسيع دور رئيس الجمهورية، بداية من التخلي عن استشارة المحكمة الدستورية لإعلان التدابير والتخلي عن تعهدها التلقائي للبت فيها وذلك في مرحلة أولى، وتوسيع مجال الحالة الاستثنائية في مرحلة ثانية.
إن السؤال المطروح، بل والمشروع اليوم، يتصل بمدى إمكانية تأثير النظام السياسي المعتمد على تنظيم الحالة الاستثنائية. فدستورا 1959 و2014 يعتمدان نظامين سياسيين مختلفين، الأول نظام رئاسي والثاني نظام مختلط أو شبه برلماني. ولكن رغم ذلك يتشاركان نفس المقاربة في تنظيم الحالة الاستثنائية القائمة على إطلاق يد رئيس الجمهورية. في هذا الموضع، نلحظ مثلًا أن الدستور البرتغالي، الذي يعتمد النظام المختلط أو النظام شبه الرئاسي، منح رئيس الجمهورية حقّ إعلان “حالة الحصار أو الطوارئ” في المادة 138 لكن اشترط ذلك بـ “الإذن” من البرلمان.
في جانب آخر، لقد ظلّ السؤال دائمًا حول العلاقة بين حالة الطوارئ والتدابير الاستثنائية: مماثلان أم متمايزان؟ قد تبدو الإجابة يسيرة للوهلة الأولى وهي أنهما متمايزان من حيث الأساس القانوني وطبيعتهما، ومن ذلك أن الأوامر الرئاسية المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ وتمديدها، وهي متعددة طيلة السنوات الأخيرة، لا تشير في تأسيسها للفصل 80 من الدستور، بل للفصل 77 المتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية. كما يتأكّد التمايز بمشروع قانون حالة الطوارئ الذي قدّمته رئاسة الحكومة عام 2018، والذي حدد نظامًا خصوصيًا للطوارئ من حيث إعلانها ومجالها ومدتها وإجراءاتها تختلف كليًا عن الحالة الاستثنائية[19]. ولكن لا يبدو الأمر كذلك لرئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي سبق وأن صرح علانية في ماي 2021: “نحن في ظل الفصل 80 لأننا في حالة طوارئ”[20]، بمعنى أن سريان حالة الطوارئ يعني تطبيق الحالة الاستثنائية. ولعلّ موقفه يعود لاعتبار أن إعلان حالة الطوارئ زمن دستور 1959 تمّت على أساس إعلان الحالة الاستثنائية، ولكنه يظل استنتاجا مُربكا، ليس لمخالفته للتوافق الجليّ حول التمايز بين الحالتين، ولكن لآثاره إن صحّ: فألا تعتبر مثلًا لائحة اللوم المقدمة ضد حكومة إلياس الفخفاخ في جويلية 2020 باطلة إذًا باعتبار أنها تمت في زمن سريان الطوارئ وبالتالي في ظل الفصل 80 الذي يمنع سحب الثقة من الحكومة؟ وقبلها، هل كانت دواليب الدولة لا تعمل بشكل عادي طيلة سنوات سريان حالة الطوارئ التي تجدّد بشكل دوري؟
تجاوزًا لذلك، لم يطبّق حقيقة، رئيس الجمهورية قيس سعيّد الفصل 80 لأول مرة بمناسبة قرارات 25 جويلية. فقد طبّقه بمناسبة إعلان الحجر الصحي الشامل في مارس 2020، حيث وجّه “بيانًا إلى الشعب التونسي حول التدابير الاستثنائية لمنع تفشي فيروس كورونا”[21] مشيرًا إلى أنه قام بـ”مشاورات مع المسؤولين”، ولكن لم يذكر صراحة، سواء في التسجيل المصوّر أو في بلاغ رئاسة الجمهورية، أن هذه التدابير استندت على الفصل 80 الذي ظهر، في المقابل، في تأسيس الأمرين الرئاسيين عدد 24 و28 لسنة 2020 المتعلقين بمنع الجولان، وتحديد الجولان والتجمعات خارج أوقات منع الجولان. وقد دامت فقرة تطبيق الحالة الاستثنائية 82 يومًا من 18 مارس إلى 8 جوان 2020، ولا يُعلم هل كان البرلمان على وعي حينها أنه في حالة انعقاد دائم، وأنه لا يمكن وقتها تقديم لائحة لوم ضد الحكومة تطبيقًا للحالة الاستثنائية في البلاد؟
ختامًا، تضمنت قرارات 25 جويلية إعادة تنظيم للعلاقات بين المؤسسات: توحيد السلطة التنفيذية بقيادتها من رئيس الجهورية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة، وتعليق اختصاصات السلطة التشريعية، ليطرح تطبيق الفصل 80 أسئلة لا زالت الإجابة عنها محل اختلاف: هل يمكن تكييف المؤسسات السيادية للدولة (الحكومة والبرلمان) مصدرًا للخطر الداهم المعطل لدواليب الدولة؟ وهل يسمح التأويل بمخالفة صريح النص بخصوص بقاء البرلمان في حالة انعقاد؟ حتى الداعمين لقرارات 25، لم يختلف، جلّهم، أن ما حصل هو “تأويل موسّع” للفصل، فيما لم يتردد المعارضون، وكذا مختصّون في القانون الدستوري، أن القرارات تعكس “خرقًا جسيمًا” و”انقلابًا على الدستور”، عبر الفصل الذي يبدو قد اتخذه رئيس الجمهورية نافذة لإعادة رسم المشهد السياسي والمؤسساتي في البلاد، وربما، وهذا الأهم، لإعادة التأسيس الدستوري أو على الأقل مراجعته.
بالنهاية، يبدو أن رئيس الجمهورية يتعامل مع الفصل 80 كبوابة “سحرية” للخروج من ضيق الشرعية الدستورية إلى رحاب المشروعية الشعبية بالنسبة إليه، بما يحوّل الفصل إلى جسر نحو فترة انتقالية جديدة للبلاد منتهاها “الجمهورية الثالثة”، العبارة التي بدأت تتداول بشدّة في المنابر السياسية والإعلامية طيلة الأسابيع الماضية. وأما السؤال الجوهري إن ما كانت قرارات 25 جويلية تمثل انقلابًا أم تصحيحًا للمسار، فربّما القانون قاصرعن الإجابة ليترك مكانه لحكم التاريخ. لقراءة المقال باللغة الانجليزية اضغطوا على الرابط ادناه:
The “Magical” Article 80: Constitutionalizing States of Exception in Tunisia
نشر هذا المقال في العدد 23 من مجلة المفكرة القانونية – تونس. لقراء مقالات العدد اضغطوا على الرابط ادناه
زلزال ديمقراطيّة فتيّة
مع فقرة ثانية نصها “وإذا وقع الإعلان في غير دور الانعقاد وجب دعوة مجلس الأمة للاجتماع فورًا”. الرائد الرسمي، عدد 7، 8 نوفمبر 1958، مناقشات المجلس الوطني التأسيسي، جلسة 22 أكتوبر 1958، ص، 169. ↑
المصدر السابق. ↑
الرائد الرسمي، عدد 13، 25 أفريل 1959، مناقشات المجلس الوطني التأسيسي، جلسة 9 فيفري 1959. ص. 313. ↑
القانون عدد 47 لسنة 1981 المؤرخ في 9 جوان 1981 المنقح للدستور. ↑
القانون عدد 51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002 المنقح للدستور ↑
الأمر الرئاسي عدد 49 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ. ↑
الأمر الرئاسي عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ. ↑
قدمت الحكومة مشروع قانون للطوارئ (مشروع عدد 91 سنة 2018) لكن لم يكمل البرلمان السابق نقاشه، ومؤخرًا قدمت الحكومة مشروع قانون للطوارئ الصحية لمجابهة أزمة كورونا (مشروع عدد 45 لسنة 2021)، وتعطل نظر اللجنة المختصة بعد تعليق اختصاصات البرلمان بمقتضى قرارات 25 جويلية 2021 ↑
مرسوم عدد 14 لسنة 2011 مؤرخ في 23 مارس 2011 يتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. ↑
قانون تأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 يتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. ↑ يواصل الفصل 7 في فقرته الأخير: “يجتمع المجلس بدعوة من رئيسه أو من ثلث أعضائه عند تيسّر اجتماعه لإعلان إنهاء التفويض بأغلبية أعضائه، ثم ينظر في المراسيم الصادرة للمصادقة عليها أو تعديلها أو إلغائها”. ↑
التقرير العام حول مشروع الدستور بتاريخ 14 جوان 2013، ص 12. ↑
اعتمدت الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة على نفس الصياغة الواردة من لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما. ↑
المجلد الثالث لمداولات المجلس الوطني التأسيسي حول الدستور، ص. 1595. ↑
قدمت هذا المقترح ودافعت عنه النائب ريم محجوب. ↑
انظر المداخلة المعارضة للمقترح للصحبي عتيق، المجلد الثالث لمداولات المجلس الوطني التأسيسي حول الدستور، ص. 1595. ↑
مداخلة النائب شكري القسطلي، المجلد الثالث لمداولات المجلس الوطني التأسيسي حول الدستور، ص. 1594. ↑
مداخلة النائب آزاد بادي، المجلد الثالث لمداولات المجلس الوطني التأسيسي حول الدستور، ص. 1596. ↑
حدد مشروع قانون الطوارئ مجال حالة الطوارئ بما يشمل “أحداث تكتسي خطورتها صبغة الكارثة أو في حالة خطر وشيك يهدد الأمن والنظام العام وسلامة الأفراد والمؤسسات والممتلكات والمصالح الحيوية للدولة”. ويُعلن عن حالة الطوارئ لمدة أقصاها 6 أشهر قابلة للتمديد لمدة 3 أشهر.
https://www.mosaiquefm.net/ar/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9/902620/%D8%B3%D8%B9%D9%8A-%D8%AF-%D9%86%D8%AD%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84-80
https://www.carthage.tn/?q=ar/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%82%D9%8A%D8%B3-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B9-%D8%AA%D9%81%D8%B4%D9%8A-%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7